0 معجب 0 شخص غير معجب
في تصنيف ثقافات عامة بواسطة (8.9مليون نقاط)
الــعــشـــــر وليــلــة الــقــــــدر

للشيـخ/ مـحــمــــد الــجــــــرافــي

الخطبــة الاولــى:

عــباد الله .. مضت الليالي والأيام

فإذا نحن الآن في أفضل ليالي العام .. العشرِ المباركة .. عشرِ التجلياتِ والنفحات ، وإقالةِ العثرات ، واستجابةِ الدعوات ، وعتقِ الرقاب الموبقات .

الله أكبر .. إنها بساتين الجنان قد تزينت .. إنها نفحات الرحمن قد تنزّلت .. فحري بالغافل أن يعاجل ، وجدير بالمقصر أن يشمر .

يتفضَّل ربُّنا على عبادِه بنفحَاتِ الخيراتِ ومواسِمِ الطاعات، فيغتنِم الصّالحون نفائِسَها، ويتدارَك الأوّابونَ أواخِرَها .

وإنها والله لنعمة كبرى أن تفضل الله علينا ، ومد في أعمارنا ، حتى بلغنا هذه العشر المباركة ، وإن من تمام شكر هذه النعمة أن نغتنمها بالأعمال الصالحة .. فهل نحن كذلك؟ نشكو إلى الله ضعفاً في نفوسنا ، وقسوة في قلوبنا الغارقة في بحور الغفلة .

جرت السنون وقد مضى العمـر

والقلـب لا شكــرٌ ولا ذكـرُ

والغفلةُ الصمــاء شاهـــرةٌ

سـيفـا بـه يتصرم العمــرُ

حتى متى يا قلب تغــرق فـي

لجج الهوى، إن الهوى بحــرُ

هـا قـد حبـاك الله مغفــرةً

طرقت رحـابَك هـذه العشـرُ

ها نحن في شهر كثيرٌ خيره، عظيم بره، جزيلة بركته وقد قارب الضيف الكريم أن يغادرنا، بعد أن جعل أرواح المؤمنين تخفق إيمانا وخشية وتوبة وخشوعا، وأكسبها شفافية ورقة وذلة وخضوعا، لرب كريم رحيم غفور تعاظمت فيه مننه وعطاياه، وتكاثرت في أيامه منحه وهداياه، فالموفق من نال من خيراتها النصيب الأزكى، وكال من بركاتها الكيل الأوفى، وحصّل من فتوحاتها المقام الأسمى، وتقلّد في ظلالها الوسام الأعلى، حتى أصبح بصدق إقباله وخالص أعماله من الفوز والوصول قاب قوسين أو أدنى ليكتب في سجل أهل الفلاح والتقوى ليقرّبه كل ذلك إلى الله زلفى فيكون من الذين غشيتهم رحمته وشملته مغفرته

فأعط هذه العشر حصتها من التكريم، لتقابلك تكريما بتكريم، وأجعلها خير محصّلة لما سبق ، مقتديا بخير الخلق صلى الله عليه وسلم الذي كان إذا دخل العشر الأواخر شدّ مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله (البخاري).

فتقرب الى الله بأنواع القربات

وجلائل الطاعات والتي في مقدمتها:

1) الاستجابة لنداء العشر الأواخر ومقابلته بالتشمير:

فهي تناديك بلسان الحال لتنبهك إلى عظيم الأفضال وكرم الإفضال من الكبير المتعال تناديك ان الحق بركب الصالحين وسارع لحجز مقعدك في الجنة مع المسارعين واكثر من الطاعة في هذه الليالي عسی ان تكون من المعتوقين

2) مضاعفة خدمة المولى عز وجل ليرحل الضيف بالمدح والشفاعة:

فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات فشفّعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفّعني فيه، فيشفّعان) (أحمد والطبراني).

وأحذر أن تجعل الصيام والقرآن خصماءك باستهتارك وغفلتك وهجرك، بدل أن يكونا شفعاءك بإقبالك ويقظتك وملازمتك:

ويل لمن شفعاؤه خصماؤه

والصور في يوم القيامة ينفخ

3) ختمة خاصة بالعشر

أو أكثر لمضاعفة الفرصة

4) إحياء سنة الاعتكاف فهي من خصوصيات العشر:

فلتحيي هذه السنة وليكن لك نصيب منها وإن قلّ، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى).

5) زيادة الصدقات وإطعام الطعام لضمان الغرف وإجبار النقص:

فثمن غرف الجنة وأنت طالبها ورمضان ميدانها والعشر الأواخر فرصتها المواتية، ما جاء عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن في الجنة غرفا يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها.

قالوا: لمن هي يا رسول الله؟، قال: لمن طيّب الكلام وأطعم الطعام و أدام الصيام وصلّى بالليل والناس نيام) (الترمذي وأحمد والحاكم).

فضاعف الصدقات وأطعم الطعام لتنل الغرف وتحقق الهدف وتنجو من التلف وتتأسى بخير من سلف الذي كان في رمضان كالريح المرسلة.

وفي العشر كذلك زكاة الفطر التي هي طهرة للصائم وطعمة للمساكين، كما أن لها وظيفة أخرى ذكرها بعض العلماء المتقدمين فقالوا: صدقة الفطر كسجدتي السهو للصلاة، فهي تجبر الصيام وتكمل النقص فيه، تماما كما تفعل سجدتا السهو بالنسبة للصلاة.

6) ألزم الدعاء والتضرع والمناجاة بالأسحار:

التماس العفو من العفوّ الكريم:

قالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن وافقت ليلة القدر، ما أقول؟

قال: قولي: اللهم إنك عفوّ تحب العفو فأعف عنّي) (الترمذي).

والعفو من أسماء الله تعالى وهو: المتجاوز عن سيئات عباده الماحي لآثارها عنهم، وهو يحب العفو، فيحب أن يعفو عن عباده، ويحب من عباده أن يعفو بعضهم على بعض، فإذا عفا بعضهم عن بعض عاملهم بعفوه وعفوه أحب إليه من عقوبته.

يا رب عبدك قد أتاك

وقد أساء وقد هفا

يكفيه منك حياؤه

من سوء ما قد أسلفا

حمل الذنوب على الذنوب

الموبقات وأسرفا

وقد استجار بذيل عفوك

من عقابك ملحفا

يا رب فأعف وعافه

فلأنت أولى من عفا

عباد الله إن الإسلام ..

لا يريد للمؤمن أن يتكل على نوعية أعماله، أو يتكل على يوم أو ليلة في عبادته، بل يريد له أن يملأ أوقاته بالأعمال الصالحة، ويتجنب في كل أوقاته الأعمال الطالحة، ثم يتكل بعد ذلك على الله تعالى.

ولهذا أخفى الله تعالى عبادات مهمة، لم يطلع عباده عليها لئلا يتكلوا فيتباطئوا عن العمل:

فأخفى الصلاة الوسطى وأمر بالمحافظة عليها، وحذر من تضيعها، حتى يحافظ المسلم على الخمس كلها.

وأخفى اسم الله العظيم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب حتى يدعو المسلم بأسماء الله الحسنى كلها.

وأخفى ساعة الجمعة التي لا يوافقها عبد مسلم يدعو الله إلا استجاب لكي يلح المسلم في الدعاء الجمعة كلها.

وأخفى خاتمة الحياة فجعل خير الأعمال خواتمها، وخير الأعمار أواخرها لكي يعتبر المسلم كل دقيقة نهاية حياته.

وأخفى الولي بين الناس وحذرنا من عداوته فقال في الحديث القدسي الجليل: «من عاد لي وليا فقد آذنته بالحرب» حتى يحترم المسلم الناس أجمعين.

ومن المسائل التي أخفاها سبحانه وتعالى ليلةُ القدر، هذه الليلة العظيمة ، ففيها تنزل ملائكة الرحمن فتسلم على كل مسلم فهي ليلة ملؤها السلام والأمان، وهي ذكرى وأعظم بها من ذكرى؛ ذكرى دستور المسلمين، وذكرى نزول القرآن الكريم

وإنما أخفاها الله تعالى حتى يملأ المسلم ليالي رمضان بالقيام والذكر والقرآن، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم رحمة بنا قربنا منها، فحددها في العشر الأواخر من رمضان، روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:« تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان

الخطبـــة.الثانية.cc

الحمد لله والصلاة والسلام على

رسول الله وآله وصحبه ومن والاه .

أمـــا بـــعــــــد

عباد الله اطلبوا الليلةَ العظيمة التي لا يحرم خيرها إلا محروم ، ليلةُ العتق والمباهاة ، ليلةُ القرب والمناجاة ، ليلةُ نزول القرآن ، ليلةُ الرحمة والغفران ، ليلةٌ هِيَ أمّ الليالي، كثيرةُ البرَكات، عزِيزَة السّاعات، القليلُ منَ العمَلِ فيها كَثير، والكثيرُ منه مضَاعَف ، *

إنا أنزلناه في ليلة القدر سميت بهذا الاسم " القدر"

لأنها ليلة ذات قدر، أي لها شرف ومنزلة حيث نزل فيها كلام الله (وما أدراك ما ليلة القدر)

أوثق الناس برحمة ربه محمد صلى الله عليه وسلم ومع هذا لا يحيط بشأن ليلة القدر لأن رحمة الله أوسع .

 (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فيها)

خَلقٌ عَظيم ينزِل من السماءِ لشُهودِ تلك اللّيلة  تنزّل بالتشديد دلالة على كثرة واستمرار نزولها بالأوامر والأقدار تنزل الملائكة فيا مؤمن لا تؤذ سمع الملائكة في هذه اليلة ، فلم يعتد سمعها إلا سلاما وتسبيحا

والروح فيها) جبريل عليه السلام لا يزال يتعاهدنا بعد محمد صلى الله وسلم على فيا عبد الله من عادة الملوك أنهم إذا بعثوا منحة مع أرفع مبعوث في الدولة فإنها عطية كبيرة ومنحة جليلة فهذا الروح جبريل ينزل ليلة القدر فالعطاء إذا لا يُتَخَيل.

بإذن ربهم عادة الملوك إذا

أذنوا أكرموا والله أجل وأعلى وأكرم.

من كل أمر مهما دعوت فما بقي بيد الملائكة من الأوامر أكثر ، فأكثر فالله أكثر.  

(تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ، سلام) ، لَيلةُ سلامٍ وبَرَكاتٍ على هذِهِ الأمّة .

ليلة عظيمة القدْر، رفيعة الشأن، مَن حاز شرفَها فاز وغَنِم، ومَن خسِرها خاب وحُرِم، العبادة فيها خيرٌ مِن عبادة ألْف شهر.

إنها الليلة الجميلة ليلة الصفاء والنقاء ليلة يقوم فيها القلب الصادق بالبكاء متمنيا الرحمة والمغفرة والعتق من النار

.روى ابن ماجه: «دخل رمضانُ فقال رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : إِنَّ هذَا الشهرَ قد حضركم وفيه ليلةٌ خيرٌ مِن ألفِ شهرٍ، مَن حُرِمَها فقد حُرِمَ الخيرَ كلَّه، ولا يُحْرَمُ خيرَهَا إِلا محرومٌ» وروى البخاري: «مَن يقمْ ليلةَ القدرِ إِيماناً وَاحتسَاباً غُفِرَ لهُ مَا تقدَّمَ مِن ذنبِهِ».

روى البخاري عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يُخبِر بليلة القدْر، فتلاحى رجلانِ من المسلمين، فقال: ((إني خرجتُ لأُخبرَكم بليلة القدر، وإنه تلاحى فلانٌ وفلانٌ فرُفعتْ، وعسى أن يكون خيرًا لكم، التمسوها في السبع والتسع والخمس)).

هذا الحديث الصحيح أيها المسلمون حريٌّ أن يقف كلُّ مسلم عنده وقفة تأملٍ طويلةً، وأن يُمعن النظرَ فيه، ويتفكر في مضمونه، فبسبب رجلين تخاصما في المسجد حُرِمتِ الأمةُ العلمَ بليلة القدر، نعم - أيها الإخوة - بسبب رجلين فقط حرمت الأمة هذا الخير، فما الحال وقد كثر في المجتمع المتلاحون المتخاصمون حتى لا يكاد يخلو منهم مسجدٌ، ولا بيتٌ، ولا سوقٌ؟! ألا يخشى أولئك المتخاصمون المتقاطعون أن يُمنعوا التوفيقَ لقيام هذه الليلة، ويُحرَموا إدراكها؟! ثم ألا يخشون إن أدركوها ألا يُرفَع عملُهم كما وردتْ بذلك الأحاديث الأخرى؟! أفلا يجعلون هذه العشر بدايةً للتصالح والتواصل، ونهايةً للتلاحي والتخاصم؟!

فلنصلح قلوبنا، ولنتوكل على الله، ولنسأله التوفيق والإعانة، ولنستعذ بالله من العجز والكسل، ولنتجنب المعاصي كلها، صغيرَها وكبيرها، ظاهرَها وباطنها؛ فإنها سببُ كل بلاءٍ، وجالبةُ كل مصيبةٍ، ومانعةٌ من كل خيرٍ، وحارمةٌ من التوفيق.

عباد الله ينبغي للمسلم ..

وهو يدعو في ليلة القدر بهذا الدعاء أن يستعرض في نيته مشاكل الأمة ومعاناتها، لا ينبغي أن يكون أنانيا حتى في دعائه فيطلب العفو لمشاكله الخاصة فقط؛ فاستعرضوا جزاكم الله خيرا مشاكل الأمة، واسألوا لها العفو والرحمة، وكشف الهم والغمة، وقد جاء في الأثر «من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم». وقال الشافعي رحمه اللّه: «يستحبّ أن يكون اجتهادُه في يومها كاجتهاده في ليلتها، ويستحبّ أن يُكثرَ فيها من الدعوات بمهمات المسلمين، فهذا شعار الصالحين وعباد اللّه العارفين».

تذكروا -اخوة الإيمان- وأنتم تعيشون نفحات ليلة القدر بالقيام، إخوانا لكم قيدتهم الذنوب، وكبلتهم الخطايا، فمضى المؤمنون المجدون في طاعة الله، وتنافس الصالحون الناصحون في التقرب إلى الله، وهؤلاء في لهوهم وغيهم سادرون، وعن طاعة الله والتقرب إليه متقاعسون، وعلى المعاصي والخطايا والآثام مكبون، تمر عليهم مواسم العبادة والمنافسة في فعل الخير فلا يتحركون فمنهم من يضيع وقته على اللهو ومتابعة القنوات وتتبع مواقع المحرمات يعشون في جفاء لكرامة رمضان وفي عناد واضح لفضائل الصيام، وجحود فاضح لعبادات القيام

تذكروا هؤلاء واحمدوا الله على ما أمدكم به من توفيق، وما هداكم إليه من التقرب إلى مراضاته، ثم سلوه الثبات على الأمر، والعزيمة على الرشد، ولا تنسوا هؤلاء الخاطئين المخطئين في دعواتكم الصالحة؛ بأن يهديهم الله على الخير، وأن يردهم إلى الحق ردا جميلا، وأن يصلح ضالهم، ويوفق حائرهم، ويعافي مبتلاهم.

تذكروا -اخوة الإيمان- وأنتم تعيشون نفحات ليلة القدر، إخوانا لكم اختارتهم المنية  وأدركهم الموت، فلم يستطيعوا أن يدركوا معكم نفحات ليلة القدر، فهم في قبورهم محتجزون، وبأعمالهم مرتهنون، وبما قدمت أيديهم في هذه الحياة مجزيون، وتيقنوا أنكم إلى ما صاروا إليه صائرون، فهم السابقون ونحن اللاحقون، فلا تنسوهم في دعواتكم الصالحة؛ بأن  الله عثراتهم، ويغفر زلاتهم، ويتجاوز عن خطيئاتهم.

من فضلك سجل دخولك أو قم بتسجيل حساب للإجابة على هذا السؤال

اسئلة متعلقة

0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
سُئل يناير 1، 2021 في تصنيف ثقافات عامة بواسطة نجوم العلم (8.9مليون نقاط)
0 معجب 0 شخص غير معجب
0 إجابة
سُئل يوليو 9، 2021 في تصنيف ثقافات عامة بواسطة نجوم العلم (8.9مليون نقاط)
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
0 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
سُئل يناير 1، 2021 في تصنيف ثقافات عامة بواسطة نجوم العلم (8.9مليون نقاط)
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
سُئل نوفمبر 17، 2021 في تصنيف تعليم السعودية بواسطة نجوم العلم (8.9مليون نقاط)
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
...